عضو مؤسسة قطر يجري جراحة تنقذ حياة طفلة
الدوحة، قطر - متلازمة آبرت هي حالة قحفية وجهية نادرة تحدث بنسبة 1 إلى كل 65000 مولود في جميع أنحاء العالم. ومن المعروف أن هذه المتلازمة مرتبطة بطفرة جينية مميزة. لا توجد عوامل معجلة مفهومة حالياً تؤدي إلى هذه الطفرة، وغالباً ما تحدث بشكل متقطع (أي لا يبدو أنها تنتقل بطريقة وراثية من أحد الوالدين).
تتمثل متلازمة آبرت بظهور تشوهات واضحة في جمجمة المريض ووجهه ويديه وقدميه، بالإضافة إلى تشوهات متفاوتة في مناطق تشريحية أخرى. نظراً لعدم انتظام نمو الجمجمة تضيق أبعاد الرأس من الأمام إلى الخلف، وتكون الأبعاد عريضة من الجانبين ومن الأعلى باتجاه الأسفل، ويبدو محجر العين وعظم الفك العلوي وكأنهما "متراجعين للخلف". يحدث هذا النمط من التشوه بسبب التحام/ إغلاق سابق لأوانه لعظام الجمجمة قبل الولادة (يُشار إلى هذه الحالة باسم "تعظم الدروز المبكر").
أدخل سدرة للطب العديد من التقنيات الجراحية المتطورة إلى قطر، حيث اتبع نهجاً متعدد التخصصات للرعاية، بما في ذلك علاج الأطفال المتأثرين بحالات مثل متلازمة آبرت.
بتعاون مشترك بين أقسام الجراحة التجميلية وجراحة الأعصاب وجراحة الوجه والقحف، أجرى فريق سدرة للطب عمليات تم فيها قطع أجزاء كبيرة من الجمجمة وإعادة تكوينها و "شدّها" في بعض الأحيان لتعديل شكلها وإعطائها مظهراً جديداً. تتطلب هذه التحولات المعقدة إجراء عدة عمليات جراحية تتم على مراحل على مدى سنوات عديدة، مراعاةً للتغيرات المتعلقة بالنمو المستمر للطفل.
يحتاج الأطفال المصابون بمتلازمة آبرت، الذين يعانون من تشوهات في الجمجمة إلى خبرة جرَّاحي الأعصاب أثناء الجراحة، حيث يؤدي هؤلاء دوراً رئيسياً في إزالة أجزاء من الجمجمة بأمان، مع حماية دماغ الطفل وتقليل النزيف. يسمح هذا الإجراء لجرَّاحي القحف والوجه بإعادة تشكيل رأس الطفل بأمان لاحقاً. يعمل جرّاحو الأعصاب وجرّاحو الوجه والقحف معاً كفريق واحد داخل غرفة العمليات.
يقول الدكتور ميتشل ستوتلاند، رئيس قسم الجراحة التجميلية والقحفية الوجهية في سدرة للطب: "سدرة للطب هو أحد مستشفيات الأطفال القليلة في الشرق الأوسط القادرة على تقديم تدخلات جراحية رائدة للمتلازمات النادرة والمعقدة. ورغم أن غالبية الجراحات التجميلية في سدرة للطب التي تعالج الشفة / الحنك المشقوق، وصيوان الأذن، وشلل الوجه، وميكروزوميا القحف، وتشوهات اليد، وإصابات الوجه وغيرها، تُجرى بشكل مستقل، إلا أن جميع عمليات إعادة بناء الجمجمة تتم في مركز متخصص بطب الأطفال، بتعاون خبراء مختصين في جراحة المخ والأعصاب. نحن نعمل جنباً إلى جنب في هذه الحالة بالذات مع جرّاحَي الأعصاب الدكتور إيان بوبل والدكتور خالد الخرازي".
يقول الدكتور خالد الخرازي كبير الأطباء المعالجين وجراح أعصاب الأطفال في سدرة للطب: "إن تدخّل جراحة الأعصاب لعلاج الأطفال المصابين بمتلازمة آبرت هو أمر ضروري لإتاحة مساحة كافية لنمو أدمغتهم. دورنا هو منع حدوث مشاكل مثل الضغط داخل الرأس. كما أن خطر اهمال جمجمة التحمت قبل الأوان، يمكن أن يؤدي إلى تلف في الدماغ. يمكن أن يؤدي ذلك أيضاً إلى تقييد تقدم النمو وقد يؤدي إلى العمى. إن نهج رعايتنا متعدد التخصصات في سدرة للطب، وهذا يعني أن المستشفى يملك كامل التجهيزات لاستقطاب خبرات مختلف الجراحين والمتخصصين في الرعاية الصحية، لمرافقة المريض طوال رحلة علاجه".
وُلدت الطفلة إيفا وهي تحمل جميع الأعراض النموذجية لمتلازمة آبرت، بما في ذلك التشوهات الفارقة في الجمجمة والوجه، بالإضافة إلى أصابع اليدين والقدمين.
وتعليقاً على حالة إيفا، قال الدكتور ستوتلاند: "بسبب متلازمة آبرت، توقف نمو جمجمة إيفا نحو الأمام والخلف، مما أدى إلى نشوء ما يسمى بتشوه "جمجمة البرج" وبدت عيناها جاحظتين بسبب تراجع محجر العين إلى الوراء. نحن نعلم أن الأطفال في حالة إيفا يكونون معرضين بشكل متزايد لخطر ارتفاع الضغط على الدماغ، ناهيك عن صعوبة إغلاق أعينهم بشكل صحيح أثناء النوم، وحتى أثناء الاستيقاظ في بعض الأحيان".
بعد إجراء الاستشارات في سدرة للطب، جاءت توصية فريق جراحة المخ والأعصاب والقحف الوجهي بضرورة توفير مساحة أكبر لنمو دماغ إيفا، وتقريب محجر العين للأمام للسماح بحماية العين بشكلٍ أفضل.
وتابع الدكتور ستوتلاند: "لقد أدخلنا هذا النهج الرائد في علاج متلازمة آبرت إلى قطر، وهو يتضمن توسعة النصف الخلفي من الجمجمة عندما يبلغ الطفل شهره السادس، وتقديم الجبهة ومحجر العين للأمام عند إتمامه العام الأول من عمره تقريباً".
تم إجراء أول عملية جراحية لإيفا في نوفمبر 2020 من قبل الدكتور ميتشل ستوتلاند والدكتور خالد الخرازي وجراح الأعصاب الزائر من مستشفى غريت أورموند ستريت الدكتور نور أويس جيلاني. تضمنت الجراحة استخدام جهاز توسيع قابل للزرع. بمجرد تثبيت الجهاز، بدأ بدفع الجزء الخلفي من جمجمتها تدريجياً إلى الخارج على مدى أسابيع.
يقول الدكتور خالد خرازي: "في حالة الطفلة إيفا، كان علينا حفر ثقوب في الجزء الخلفي من جمجمتها بعناية ثم تحريك الجمجمة للسماح لها بالتمدد. هذه العملية صعبة من الناحية الفنية، حيث كان علينا التأكد من أن الطفلة لن تواجه أي مشاكل ضغط في دماغها على المدى البعيد. كنا بحاجة أيضاً إلى إخضاعها لمراقبة مستمرة لحماية الدماغ أثناء العملية والإشراف على إدخال جهاز التوسعة القابل للغرس في جمجمتها. يتطلب إجراء مثل هذه العمليات الدقيقة في الجمجمة خبرة ومهارات خاصة، ناهيك عن استخدام المعدات الجراحية الحديثة، التي أفخر بالقول إنها متوفرة في سدرة للطب، كل ذلك بفضل النهج متعدد التخصصات الذي يتبعه سدرة للطب في رعاية المرضى".
تعافت إيفا بسرعة كبيرة بعد الجراحة، وتمكنت من العودة إلى سلوكها الطبيعي وروتينها في غضون أيام.
قال الدكتور ستوتلاند: "جهاز التوسعة الجديد قابل للزرع بشكلٍ كامل، ولا يتطلب "تفعيلاً يومياً" من قِبَل الوالدين أو الفريق الطبي (خلافاً لأجهزة التوسيع العادية)، لذا فهو يوفر فائدة حقيقية للمريض والأسرة ومقدّمي الرعاية.
ستعود إيفا إلى سدرة للطب بعد أشهرٍ قليلة لمتابعة المرحلة التالية من علاجها، وإعادة بناء الجمجمة التي ستشمل إزالة نوابض جهاز التوسعة، والدفع الجراحي لعظام الجبهة ومحجر العين العلوي نحو الأمام. سيتبع ذلك عملية جراحية أخرى لفصل أصابعها المكففة.
وختم د. ستوتلاند قائلاً "على غرار جميع الأطفال الذين يعانون من متلازمات قحفية وجهية معقدة، ستستمر متابعة إيفا طوال سنوات طفولتها، من قبل الفريق القحفي الوجهي متعدد التخصصات في سدرة للطب، من أجل ضمان إخضاعها للمراقبة المناسبة ورصد تطور نموها، والاستعداد لتلبية كافة الاحتياجات المتعلقة بالوجه والقحف التي قد تصاحب نموها المستمر ونضج هيكلها العظمي".
قال والدا إيفا: لقد تأثرنا كثيراً بالرعاية التي تلقتها ابنتنا إيفا في سدرة للطب. كان لدينا شعور بالطمأنينة لأن ابنتنا كانت في أيدٍ امينة، وكان الفريق يتحدث معنا في كل خطوة خلال رحلة علاجها. شعرنا أننا شركاء في رعايتها، ونحن ممتنون جداً لتوفر مثل هذه الجراحة المعقدة للأطفال في قطر، التي يقودها فريق مذهل من المتخصصين في الرعاية الصحية. صحيح أن رحلة علاج إيفا ستكون طويلة، إلا أننا على ثقة من أنها حصلت وسوف تحصل على أفضل دعم ورعاية".