عضو مؤسسة قطر يلقي الضوء على أهمية التدخل المبكر دعماً لليوم العالمي للتوعية بالتوحد
31 مارس 2021، الدوحة، قطر - خبراء من سدرة للطب يقدمون النصح لأهالي الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد (ASD) ويركزون على أهمية التعامل الأبوي الإيجابي والتدخل المبكر والحفاظ على الروتين.
يتسم اضطراب طيف التوحد بصعوبات في التفاعل والتواصل الاجتماعي والسلوكيات النمطية المتكررة. إنه من بين أكثر اضطرابات النمو شيوعاً وحدّة.
يقدم قسم الطب النفسي في سدرة للطب خدمات الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، وطب الأطفال التنموي، وطب المراهقين لتشخيص ورعاية وعلاج الأطفال واليافعين المصابين بالتوحد، إلى جانب تقديم الدعم لمشاكل نفسية أخرى.
يقول البروفسور محمد وقار عظيم، رئيس قسم الطب النفسي في سدرة للطب: "يلتزم فريقنا بتزويد الأطفال وأسرهم بأفضل خدمات وموارد تدعم صحتهم النفسية. ينطبق هذا على الأطفال المصابين بالتوحد بشكل خاص، حيث نعمل على تقديم الدعم لهم وجعلهم يشعرون بالأمان والاحترام وبأنهم جزء من المجتمع. انطلاقاً من موقعه كمؤسسة رعاية صحية متخصصة، يشارك سدرة للطب في عدد من المبادرات المتعلقة بالتوحد، بما في ذلك الخطة الوطنية للتعامل مع التوحد في قطر، بالإضافة إلى التعاون مع منظمة الصحة العالمية لتطوير تدخل قائم على الأدلة للأفراد المصابين بالتوحد. اليوم العالمي للتوعية بالتوحد هو جهد عالمي رائع، يتيح لنا العمل عن كثب مع العائلات والشركاء والمجتمع ككل لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد لاستخدام كامل طاقاتهم".
تم اقتراح اليوم العالمي للتوعية بالتوحد أول مرة في الأمم المتحدة عام 2007، من قبل صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر ومركز سدرة للطب. تم اعتماده من قبل الأمم المتحدة في عام 2008 كاحتفال عالمي، ويتم الاحتفال به سنوياً في الثاني من أبريل.
علاقة إيجابية بين الأهل والطفل
تقول الدكتورة فاطمة جانجوا، رئيس قسم طب الأطفال التنموي في سدرة للطب: "كان العام الماضي عاماً مليئاً بالتحديات للآباء والأمهات في جميع أنحاء العالم، فما بالك بالنسبة لأهالي الأطفال المصابين بالتوحد. لقد أخلَّ الوباء بروتين الأطفال وزعزع إحساسهم بالاستقرار وممارسة برامجهم اليومية. لكن وبعد مرور عام لا يمكنني إلا أن أحيي الأهل الذين تغلبوا على هذه التحديات، وبنوا نوعاً من الشراكة بينهم وبين أطفالهم. أكبر نقاط القوة التي نتجت عن هذه العلاقات هي تأثير الأبوة والأمومة الإيجابي".
تبث استراتيجيات الأبوة والأمومة الإيجابية للعائلات التي لديها أطفال مصابين بالتوحد، شعوراً بالأمان والحب، وهذا بدوره يساعد في تطورهم. تساعد العملية أيضاً العائلات على التعاون في وجه التحديات وعدم الشعور بالإرهاق، خاصة عندما تصبح المهام والروتين مسؤولية مشتركة.
تتابع الدكتورة جانجوا "نود أن نقول للأهل ألا يجزعوا إذا ما تم تشخيص طفلهم بالتوحد، فعلى الرغم من عدم وجود علاج لهذا المرض، إلا أن هناك الكثير من العلاجات والبرامج الفعالة المتاحة التي يمكن أن يبدأ الكثير منها من المنزل، والتي يمكن للأهل التعامل معها بأنفسهم. للتوحد علامات واضحة للغاية، ورغم أن الطفل قد يواجه صعوبات، إلا أن التدخل قادر على تحسين حالته بشكل كبير وجعله يعيش حياة طبيعية نسبياً".
أما الدكتورة مديحة كمال، كبيرة الأطباء المعالجين في قسم طب المراهقين في سدرة للطب فتقول: "كان من المبشّر بالخير أن نرى عدد عائلات مرضى التوحد التي نجحت في تطوير روابط قوية مع أطفالها أثناء الوباء. لقد كانت هذه فرصة للعديد من الآباء، الذين قضوا أوقاتاً طويلة في المنزل بسبب الجائحة، للتحدث إلى أطفالهم ومساعدتهم على التعبير وتطوير مهاراتهم التفاعلية".
التشخيص المبكر والتدخل
ينصح خبراء سدرة للطب الآباء الذين يلحظون أعراض التوحد لدى أطفالهم، بالسعي للحصول على تقييم للحالة من مركز الرعاية الصحية الخاص بهم. العلامات المبكرة لاضطراب طيف التوحد عند الرضع أو الأطفال الصغار يمكن أن تشمل قلة الوعي بمحيطهم، عدم التواصل بالعين أو قلة التواصل البصري، عدم الاستجابة لرد فعل الوالدين أو تعابير وجههم، عدم الإشارة إلى الأشياء أو الاستجابة مع المواقف التي يشير لها الأب أو الأم.
تقول الدكتورة جانجوا: "في قطر، أول خطوة يجب أن يقوم بها الوالدان اللذان يشعران بالقلق من ظهور علامات التوحد على طفلهما، هي الذهاب إلى أقرب عيادة للرعاية الصحية الأولية، حيث يجري له طبيب الأطفال هناك الاختبارات المطلوبة. إذا أظهر الاختبار أي مؤشر على إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد، يقوم الطبيب بإحالة الطفل إلى المستشفى المتخصص إما في سدرة للطب أو مؤسسة حمد الطبية. كلما كان التدخل أبكر، كان من الأسهل على الطفل الالتحاق بالمدرسة وتطوير لغته وتفاعله الاجتماعي".
تقول الدكتورة مديحة: "إن الكشف المبكر والتدخل مهمان للغاية، ويلعب الآباء دوراً حاسماً في تحديد العلامات الرئيسية حتى قبل إجراء الفحص الرسمي. يتم تشجيع الآباء على مشاركة أطفالهم في الأنشطة المتعلقة بالقراءة والتحدث، وتلك التي من شأنها أن تساعد في تعزيز تنمية مهارات أطفالهم الاجتماعية والتواصلية - وهي عملية يُشار إليها باسم التدخل بوساطة الوالدين".
أهمية الحفاظ على الروتين
بالنسبة للآباء والأمهات الذين لديهم أطفال مصابين بالتوحد، يكون الحفاظ على الروتين أمراً مهماً للغاية. تنصح الدكتورة جانجوا باستخدام جدول مرئي يسمح للأطفال بمعرفة روتينهم مسبقاً.
تقول الدكتورة جانجوا: "بالنسبة للأطفال الذين لا يستطيعون التواصل لفظياً أو لديهم قدرات محدودة على التواصل، يساعدهم الجدول الزمني المرئي في الحصول على برنامج منظم ليومهم. نوصي بأن يعرض الآباء أمام عيون أطفالهم كيف سيبدو يومهم، من خلال إنشاء تقويم مرئي يقسم أنشطتهم اليومية ضمن سلسلة من الأحداث باستخدام الصور الفوتوغرافية والرسوم والألوان. فعلى سبيل المثال، يمكن تمييز أيام العمل المدرسي وعطلات نهاية الأسبوع بوضوح باستخدام الصور أو الألوان المختلفة. قد يساعد هذا الأطفال على توقع ما ينتظرهم يوماً بعد يوم، وهذه وسيلة تواصل مفيدة بشكل خاص للأطفال المصابين بالتوحد".
فهم المحفزات
يعاني الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد صعوبة في التعامل لأن العديد منهم لا يستطيعون التعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم، مما قد يصيبهم بالإحباط. وهذا بدوره يؤدي إلى أن يصبح الطفل شديد القلق والتوتر. معظم سلوكيات الأطفال المضطربة تنجم عن التغيير في روتينهم اليومي أو تكون نتيجة لاضطراب المشاعر أو الارهاق والتعب، لاسيما إذا كانت لديهم حالات أخرى مثل الصرع واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
تضيف الدكتورة مديحة كمال: “ما سبب معاناة أطفال التوحد؟ السبب هو أن العديد منهم لا يستطيعون التعبير عن احتياجاتهم بوضوح، وأي تغيير في الروتين يمكن أن يزعجهم. لتغيير سلوك الأطفال يحتاج الآباء إلى فهم الأسباب أو الدوافع التي تجعلهم يتصرفون بهذه الطريقة. هذا يساعد الطفل والأهل على إدارة المحفزات والتعامل معها".
وتتابع الدكتورة كمال: "نوصي بتحديد المحفزات والاحتفاظ بمذكرات لتسجيل رد فعل الطفل وسلوكه. يمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لإجراء تغييرات. مثلاً يمكن تحضير الطفل نفسياً لتغيير روتينه من خلال إعطائه مهلة مدتها خمس دقائق (مثل صورة لساعة)، ثم إنشاء مجموعة من الصور تشرح النشاط المطلوب منه".
رحلة فارس في الرعاية:
تقول نجلاء فتحي، والدة الطفل فارس ابن السبع سنوات، وهو أحد مرضى عيادة طب المراهقين في سدرة للطب: "عندما أتينا إلى سدرة للطب أول مرة في أواخر العام الماضي، كنا نمر بمرحلة صعبة للغاية في التعامل مع حالة التوحد التي يعاني منها ولدنا. لقد وصلنا إلى مرحلة لم نعد قادرين فيها على إدارة سلوكه واضطرابه".
"في غضون خمسة أشهر من بدء تلقيه العلاج في سدرة للطب وبفضل الفريق الرائع، شهدنا تحولاً جذرياً لدى فارس. لا نستطيع أن نصدق أنه نفس الفتى الذي دخل المستشفى منذ بضعة أشهر! لقد تحول من حالة العدوانية وفرط النشاط إلى طفل أكثر هدوءاً وأصبح قادراً على التواصل والاستماع. نحن ممتنون جداً للعناية والرعاية التي حصلنا عليها، وخاصة للدكتورة مديحة كمال، التي غيّر أسلوبها المثالي في التعامل مع ابننا ورعايتها له، حياته وحياتنا كأبوين".
"لقد شعرت أن النصح والدعم اللذين تلقيتهما كأم كانا مفيدين للغاية، فالإحساس بالإحباط الذي رافقني في بداية الرحلة جعلني أشعر بالعجز الشديد. لكن فريق سدرة للطب قام بإرشادي وتوجيهي وتعريفي على الأشياء التي تحفّز فارس، وعلى وضع روتين محدد له. أنا فخورة جداً بابني، فهو يعلمني كل يوم كيف أكون أماً أفضل. لقد كانت رحلة مدهشة للنمو والتفاهم وتقبل الواقع لنا جميعاً".