28 يناير 2024، الدوحة، قطر – في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، ابتكر سدرة للطب، العضو في مؤسسة قطر، بروتوكولاً علاجياً جديداً لطفلة رضيعة تعاني من فرط إفراز الأنسولين الخلقي. وقد تم نشر النتائج في مجلة نيو إنغلاند الطبية المرموقة .
قام بتطبيق البروتوكول العلاجي الجديد فريق من أطباء الغدد الصماء بإشراف البروفسور خالد حسين، رئيس قسم الغدد الصماء في سدرة للطب.
قال البروفسور حسين: "في أوائل عام 2023، استقبلنا طفلة كويتية رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر. كانت حالتها تتدهور بسبب فرط إفراز الأنسولين الخلقي لديها، حيث كانت تعاني من نقص حاد في نسبة السكر في الدم. ورغم أنه يمكن إدارة الحالة باستخدام الأدوية في بعض الحالات الخفيفة، إلا أنه بالنسبة لمعظم الأطفال، لا يمكن السيطرة على نقص السكر في الدم باستخدام الأدوية التقليدية. في مثل هذه الحالات، تكون الجراحة لإزالة جزء من البنكرياس أو كلها (استئصال البنكرياس) هي الخيار الوحيد. علماً بأن هذا الإجراء كبير ويضطر الأطفال بعده أن يعيشوا مع مرض السكري وقصور إفرازات البنكرياس مدى الحياة".
للتحكم بانخفاض نسبة السكر في الدم، تم علاج المريضة أولاً بالطرق والأدوية الطبية التقليدية بالإضافة إلى مزيج من العلاج بالدكستروز عن طريق الوريد والتغذية المستمرة بأنبوب فغر المعدة، للحفاظ على مستويات مقبولة من الغلوكوز في الدم.
لكن وبما أن الرضيعة لم تستجب للأدوية التقليدية، فقد كان هناك خطر متزايد لإخضاعها لعملية استئصال البنكرياس. كان فريق سدرة للطب حريصاً على تجربة طرق أخرى، ومن هنا قرر تجربة بروتوكول علاجي جديد باستخدام عقار الألبيليسيب.
بروتوكول إعطاء الألبيليسيب لرضيعة مصابة بفرط فرز الأنسولين الخلقي هو الأول من نوعه. وقد تمت تجربته، في أعقاب تقارير جاءت من حالات سابقة، حيث تبين أن المرضى البالغين المصابين بسرطان الثدي، والذين يعالجون بنفس الدواء، قد عانوا من ارتفاع مستوى السكر في الدم.
الألبيليسيب هو دواء يستهدف البروتين ويُستخدم لعلاج سرطان الثدي واضطرابات النمو الزائد لدى الأطفال. ينظم الدواء نمو الخلايا وتكاثرها وتطورها وإشارات الأنسولين. أحد آثاره الضارة الشائعة هو زيادة تحلل الغليكوجين واستحداث السكر، مما يؤدي إلى إصابة المرضى الذين يتناولونه بارتفاع مستويات السكر في الدم.
وتابع البروفسور حسين: "أردنا تجنب إجراء عملية استئصال البنكرياس التي من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على نمو الفتاة الصغيرة وأسلوب حياتها في المستقبل. كانت الإستراتيجية التي طبقناها هي تناول دواء موجود مثل الألبيليسيب، الذي يُستخدم لعلاج سرطان الثدي واضطرابات النمو الزائد، وتوظيف آثاره الضارة المتمثلة في ارتفاع السكر في الدم - لمعالجة انخفاض مستويات السكر في دمها. كنا بحاجة أيضاً إلى التأكد من عدم وجود مخاطر أخرى مرتبطة بتناول هذا الدواء، والتي من شأنها أن تضر بصحة الطفلة ونموها".
تم إخضاع المريضة الصغيرة لبروتوكول العلاج الجديد وفي غضون ستة أسابيع، بدأت تشهد تحسناً كبيراً في مستويات السكر في الدم لديها. كما واصلت الحفاظ على وزن وطول صحيين دون التأثير على نموها. وخرجت من المستشفى وهي تعاني من انخفاض طفيف في مستويات السكر في الدم، وكانت إدارة حالتها تتطلب تناول الطعام عن طريق الفم كل ثلاث ساعات وجرعتين من الدواء يومياً.
قالت الدكتورة إيابو تينوبو -كارش، الرئيس التنفيذي لسدرة للطب: "هذه هي المرة الأولى في العالم التي يتم فيها إعادة تصميم دواء لعلاج الانخفاض الحاد في مستويات السكر في الدم لدى الأطفال الرضّع. أنا فخورة جداً بأن أرى الأبحاث السريرية والابتكارات العلاجية في مشفانا تساعد في تقديم برامج صحية دقيقة للمرضى. نحن ممتنون لعائلة الطفلة الصغيرة لثقتها بفريقنا في تطبيق هذا الدواء الجديد. ونأمل أن تكون مثل هذه التجارب والبرامج العلاجية مصدر إلهام لمراكز الرعاية الصحية الأخرى، وأن نتشارك ونتبادل المعارف الطبية التي يمكن أن يكون لها تأثير يغير حياة المرضى إلى الأفضل".
لقد عادت الطفلة الآن إلى الكويت، ومستويات السكر في دمها مستقرة حالياً. وهي تواصل تناول عقار الألبيليسيب يومياً عن طريق الفم مع متابعة منتظمة من فريق سدرة للطب لمراقبة تقدمها. وقد أشار الفريق إلى أنها لم تعاني من أي آثار جانبية حتى الآن.
واختتم البروفسور حسين حديثه قائلاً: "التجربة واعدة للغاية، فملاحظاتنا تشير إلى أنه يمكن استخدام عقار الألبيليسيب كعلاج مساعد للمرضى الذين يعانون من فرط إفراز الأنسولين الخلقي، والذين لا يستجيبون طبياً للعلاجات الأخرى. إنها خطوة مهمة يجب مراعاتها قبل أن يُوصى هؤلاء المرضى بالخضوع لعملية استئصال البنكرياس الجزئي أو الكامل. سنقوم الآن بتجربة هذه الطريقة على أطفال مرضى آخرين يعانون من نفس الحالة، ممن لا يستجيبون للعلاجات الطبية التقليدية".
نحن ندعو المجتمع الطبي الأوسع إلى إجراء المزيد من التجارب السريرية حيث يمكن للمزيد من الأبحاث التي يتم إجراؤها في هذا المجال أن تساعد في إيجاد طرق علاج أفضل وأسرع وأكثر أماناً للمرضى الذين يعانون من فرط إفراز الأنسولين الخلقي. سيؤدي هذا إلى تغيير جذري في الطريقة التي يتم بها التعامل مع هؤلاء المرضى ويمكن أن يفيد آلاف الأطفال حول العالم!