حدد الباحثون في سدرة للطب مواقع لا تنشأ بها طفرات في فيروس كورونا المستجد SARS‐CoV2، مما يمهد الطريق أمام ابتكار لقاح مستقبلي يتمكن من معالجة السلالات المتحورة من الفيروس.
يُعد نشوء الطفرات في فيروس كورونا المستجد SARS‐CoV2 هو التخوف الأكبر حيث يمكن أن تؤدي إلى مقاومة الأدوية أو اللقاح. على الرغم من احتمالية أن يكون لأغلب الطفرات تأثير سلبي على وظيفة الفيروس، فبعضها يمنح الفيروس ميزةً كبيرةً تساعده على التفشي والانتشار بسرعة أكبر. يعاني الكثير من الأشخاص المصابين بكوفيد-١٩ من أعراض مثل العطس، الذي يمكن أن يؤدي إلى انتشار الفيروس على نطاق أوسع.
في كوفيد-١٩، يتحور فيروس SARS-CoV2 حوالي مرتين كل شهر، وهو نصف معدل فيروس الأنفلونزا الشائع تقريبًا. على الرغم من انخفاض مستوى نشاط الطفرات، يستمر توثيق عشرات الآلاف منها، فبعض منها يؤدي إلى "سلالات" أو "سلالات متحورة" تنتشر بين البشر انتشارًا أكثر شراسة، ويترتب عليها دخول المستشفيات.
طور الدكتور نافانيث كريشنامورثي، باحث في الكيمياء الحيوية الجزيئية إلى جانب الدكتور خالد فخرو، رئيس قسم البحوث في سدرة للطب، نماذج من الطفرات في البروتين الأساسي لفيروس كوفيد-١٩. يُعد المشروع جزءًا من برنامج الطب الدقيق التابع لسدرة للطب، والذي يهدف إلى تناول المباحث المتعلقة بأي المواقع من فيروس كوفيد-١٩ لا تتحور وهل هناك إمكانية لتحديد أماكنها واستخدامها للاسترشاد بها في ابتكار لقاح.
قال دكتور نافانيث كريشنامورثي، عالم الكيمياء الحيوية الجزيئية في سدرة للطب: "كان أمرًا أساسيًا أن نتناول المبحث المتعلق بالمواقع الخالية من الطفرات، إذ تشير النظرية الجينية إلى أن هذه المواقع تكون في الغالب محفوظة بسبب الطفرات التي يمكن أن يكون لها أثر سلبي كبير على الفيروس نفسه، أي أنها بحاجة إلى أن تكون محفوظة لضمان قيام الفيروس بوظيفته جيدًا".
ومن جانبه قال الدكتور خالد فخرو رئيس قسم البحوث في سدرة للطب: "للطفرات الجديدة وجهان من السوء، الأول، قد يصبح الفيروس أشد ضررًا وأكثر فعالية في غزو مضيفه والانتشار، مثل السلالتين المتحورتين المتفشيتين في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا. والثاني، قد يغير الفيروس شكل الموقع الذي تعرفه الأجسام المضادة، وبالتالي يتمكن الفيروس من الإفلات من الاستجابة المناعية البشرية ومواصلة الانتشار حتى بين الأفراد الذين تلقوا اللقاح".
أمضى الدكتور كريشنامورثي والدكتور فخرو أشهر عدة في تحليل أكثر من ١٩٠٠٠ طفرة منتشرة حول العالم في البروتين الفيروسي الأساسي لـ SARS-CoV2 (البروتياز) من أجل تحديد "النقاط الباردة" للطفرات. ونجحا في تحديد خريطة لمواقع "النقاط الباردة" للطفرات وخلصا إلى أن هذه النقاط هي مواقع مثالية لاستهداف فيروس كورونا. نشر الاتحاد الدولي للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية (IUBMB) نتائجهما في مجلته الرئيسية "Life" بتسليط الضوء كاملًا عليها في صفحة غلاف العدد إبريل 2021.
وواصل دكتور كريشنامورثي قائلًا: "إنه نهج مستقبلي لأننا وجدنا أنماطًا موضعية محفوظة (مشتركة بين عائلة فيروسات كورونا) بالقرب من المواقع الخالية من الطفرات، والتي يمكن استهدافها بفعالية الآن وفي المستقبل عند ظهور فيروسات مشابهة. يؤدي تحديد هذه النقاط الباردة وقائمتها المختصرة إلى منظور جديد لاستهداف SARS‐CoV2 مع تجنب مقاومة الأدوية القائمة على أساس الطفرات. وحددت الدراسة المواقع المثلى للاستهداف وفتحت سبلًا جديدةً لابتكار مضادات الفيروسات التي تعمل على المواقع الخالية من الطفرات. وكما يستمد هذا العمل المهم أهميته من قيمته فهو مهم أيضًا في توقيته، إذ تطلق الدول الكبرى حول العالم لقاحات وعقاقير وتجربها أو تعمل في مرحلة الموافقة على العوامل المضادة لفيروس كوفيد-١٩".
واختتم الدكتور فخرو الحديث: "إن عملية مواجهة كوفيد-١٩ تتطور تطورًا مستمرًا. ولتخطي هذا التحدي العالمي في مجال الرعاية الصحية في مثل هذه الأوقات العصيبة، علينا أن نفهم الآلية الدفاعية الفيروسية لمثل هذه الطفرات وأن توسع نتائجنا من هذا الفهم وتتحاذى مع طموح سدرة للطب في تقديم الطب الدقيق".
للوصول إلى المقالة في مجلة IUBMB Life، يُرجى زيارة:
https://iubmb.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/iub.2465